جرائم الإمارات بعدن.. اغتيالات متكررة وسجون سرية يُمارس فيها التعذيب
لحج نت | تقرير
في الثاني من شهر رمضان الموافق 18 مايو/آيار من العام 2018، اختطف ملثمون يستقلون باص “فوكسي” ياسر قاسم الكلدي (28 عاما)، بعد مداهمة منزله، وأخذه من بين أولاده في منطقة الشعب بالبريقة.
المسلَّحون الملثمون التابعون لجهاز مكافحة الإرهاب -كما تقول أسرة سكينة- وأفراد من معسكر الجلاء اعتقلوا، مساء ذلك اليوم، عائلها الوحيد، ونقلوه إلى جهة مكسر الجلاء، ثم قاموا بإعدامه في سجن المعسكر السري، وإخفاء جثته عن أسرته حتى الآن.
ويوجد معسكر الجلاء في محافظة عدن الذي يتبع اللواء الأول دعم وإسناد، وهو أحد الألوية التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي الموالي للإمارات ويقع في مديرية البريقة بعدن.
وبداخل معسكر الجلاء منطقتان على الأقل يحتجز فيهما المعتقلون، أحدهما مبنى من الصفيح والآخر يقع في قبوٍ تحت الأرض، حسب منظمة “مواطنة” لحقوق الإنسان التي تحققت مما لا يقل عن 13 واقعة احتجاز تعسفي و17 واقعة تعذيب في هذا المعسكر.
أخفى عناصر المجلس الانتقالي الشاب الكلدي، ولا تعرف أسرته مصيره حتى اللحظة، رغم محاولاتها المتكرر لمعرفة مكان إخفائه، أو جثمانه.
ليس ياسر قاسم الكلدي هو الذي تكابد أسرته الساعات لمعرفة مكانه، فهناك بشير محمد قائد العَطري -من سكان منطقة “الصبيحة” في لحج – الذي اُعتقل من قِبل أطقم عسكرية تحمل اسم “القوة الضاربة”، في منطقة “الفِيوش” بمحافظة لحج، يوم الاثنين الموافق 7 نوفمبر 2016، ومازالت أسرته إلى الآن تجهل مصير مكانه، والمئات من أبناء المحافظات الجنوبية.
ويسود مدينة عدن استياءٌ وغضبٌ عارم إزاء عمليات الاعتقالات والإخفاء الخارجة عن القانون، التي تشهدها المدينة الخاضعة لسيطرة المجلس الانتقالي، والتي كان آخرها اختطاف الضابط في الدفاع الجوي علي عشال، الذي لا يزال مخفيا، وغير معلومٍ مكانه، إن كان على قيد الحياة أو تم إعدامه، الأمر الذي خلق موجة من الغضب في أوساط الشارع الجنوبي.
وتواصل الفصائل الموالية للإمارات العبث في الأراضي الجنوبية وانتهاك حقوق أبنائها عن طريق وسائل متعددة بينها اغتيال شخصيات مهمة وإنشاء سجون سرية تمارس التعذيب والقتل.
وخلال الفترة الماضية، أكدت منظمات وتقارير حقوقية أن الإمارات متورطة في تنفيذ العديد من عمليات الاغتيالات بمدينة عدن، طالت شخصيات مهمة، بينها قيادات سياسية وعسكرية وخطباء مساجد.
ويعد ملف الاغتيالات أهم وأخطر الملفات التي عملت عليها الإمارات، حيث رسمت مخططًا متكاملًا يستهدف شخصيات دينية وعسكرية واجتماعية.
وقد بلغت عمليات الاغتيالات أكثر من 200 حادثة اغتيال منذ العام 2015، معظمها في مدينة عدن، وإخفاء المئات في السجون السرية التابعة للانتقالي، و وبإشراف من الضابط الإماراتيين.
وشهدت مدينة عدن مخطط اغتيالات استهدف بدرجة أولى الإسلاميين أمثال الشيخ الراوي، والشيخ عبدالرحمن العدني، والشيخ صالح حليس، وقائمة طويلة من الأسماء المؤثرة.
وبحسب الحقوقيين، كان للجانب العسكري نصيبًا كبيراً من عمليات الاغتيالات، حيث تخلصت الإمارات من ضباط في الأمن والجيش والمقاومة، إضافة إلى صناديق سوداء في الاستخبارات، ، فالإمارات تقف خلف اغتيال اللواء عبدربه امسرائيلي قائد محور أبين وتم الأمر في منطقة الممدارة.
واستخدمت الإمارات شركة بلاك ووتر وبعض المرتزقة الأمريكيين لتنفيذ عمليات الاغتيالات، ويشرف عليهم الفلسطيني محمد دحلان والضابط الإماراتي أبو خليفة في قتل قيادات المجتمع الجنوبي ومعارضين في عدن، كما ذكر ذلك تقرير صادر عن موقع باسفيد الأمريكي.
السجون السرية
أنشأت القوات الإماراتية بعد سيطرتها على مناطق في جنوب اليمن سجوناً غير رسمية، أُخفي فيها قسراً مدنيون يُعتقد أنهم معارضون لها، بحجة محاربة الإرهاب، ودعمت الإمارات جماعات مسلحة (فصائل الانتقالي) محلية تدين لها بالولاء التي ساهمت في إدارة تلك السجون.
وكشف القيادي السابق في المقاومة الجنوبية ورئيس منتدى السلام لوقف الحرب في اليمن، عادل الحسني في تصريح صحفي” أن 15 سجناً سرياً تابعة للإمارات موجودة في عدن.
وذكر الحسني أسماء السجون التابعة للإمارات وهي :سجن قاعة وضاح ويقع في التواهي جولد مور بجانب مبنى الانتقالي ويديره سامر الجندب بتكليف من يسران المقطري، وسجن قوات العاصفة ويقع في التواهي فتح في مقر قوات العاصفة ويدير المدعو أوسان العنشلي “.
وأضاف : ” سجن بيت شلال ويقع ايضاً في التواهي جولد مور بداخل منزل شلال ، سجن معسكر طارق يقع في خور مكسر بجانب إدارة البحث والمرور، سجن معسكر جبل حديد ويقع في الطريق الواصل بين المعلا وخور مكسر بجانب مطعم الحمراء”.
وتابع: ” سجن جزيرة العمال ويقع في خور مكسر بجانب نادي ضباط الشرطة ويديره المدعو صامد سناح، سجن المنشآت ويقع في المنصورة بجانب سوق القات خلف الكريمي للصرافة ويديره المدعو كمال الحالمي، سجن معسكر بئر احمد ويضم حوالي 250 إلى 400 سجين وهو من أكبر السجون للمرتزقة واعوانهم ويديره المدعو غسان العقربي”.
مردفا: “سجن التحالف ويقع في البريقة في مبنى التحالف ويشرف عليه اماراتيين، سجن معسكر الجلاء ويقع في البريقة بجانب معسكر التحالف ويديره المدعو معين المقرحي، سجن معسكر رأس عباس ويقع بعد البريقة، سجن المنصورة ويديره المدعو نقيب اليهري”.
وختم بالقول وهناك: ” سجن سري خلف إدارة البحث ويديره المدعو أبو مهتم الضالعي، سجن معسكر اللواء الخامس ويقع في الرباط ويديره المدعو ابو سام اليافعي، سجن معسكر النصر ويقع في منطقة العريش ويديره المدعو جلال الربيعي”.
وتُمارس الإمارات وأدواتها في تلك الأماكن المظلمة أبشع عمليات القهر والتعذيب، ويتوارى خلف أسوارها عشرات المخفيين، وترتكب داخلها جرائم ترقى لتكون جرائم حرب، وفق منظمات حقوقية.
وقد تم رصد عشرات المعتقلين والمخفيين قسريًا تخفيهم الإمارات في سجونها المستحدثة في عدن، ويواجهون مصيرا مجهولًا، فيما لا يوجد مسوغ قانوني أو أمر قضائي يؤيد تلك الجرائم الإنسانية المرتكبة بحق أولئك المختطفين.
من جانبها كشفت رابطة أمهات المختطفين في اليمن بتعرض المعتقلين والمخفيين قسرا لما سمته أساليب تعذيب وحشية ومروعة، ولانتهاك حقوقهم وكرامتهم داخل السجون والمعتقلات السرية التابعة الانتقالي الموالي للإمارات، في مدينة عدن.
وبحسب رابطة “أمهات المختطفين”، فقد بلغ عدد المخفيين من أبناء المحافظات الجنوبية 62 مخفيا قسرا، و15 معتقلا، من قِبل قوات الحزام الأمني التابع للمجلس الانتقالي، كان آخرها الإخفاء القسري للعميد علي عشال الجعدني، الذي تعرّض للاختطاف في 12 يونيو 2024، ولم يُعرف مصيره إلى الآن.
وكشفت تقرير حقوقي عن أوضاع قاسية يعيشها مئات السجناء القابعين في سجون تديرها الإمارات أو موالون لها في مدينة عدن.
ووفق التقرير فإن “مئات من المعتقلين في عدن تعرضوا للتعذيب الجسدي والاعتداء الجماعي، والقتل خارج القانون في تلك السجون.
ووفق مصادر حقوقية فإن الإمارات حولت محافظة عدن، إلى سجن كبير، وعبثت بأمنها عبر تجنيدها فصائل محلية (فصائل الانتقالي) تابعة لها، وفتحها لسجون ومعتقلات سرية وعلنية للزج فيها بالمعارضين لها ولسياساتها القمعية.
وفي مطلع العام الحالي كشف تحقيق استقصائي لشبكة “بي بي سي” أن الإمارات العربية المتحدة هي التي تقف خلف الاغتيالات السياسية في عدن، بواسطة قوات من المرتزقة الأمريكيين دربت وحدات إماراتية عاملة في اليمن، واستُخدمت في تدريب عناصر محليين (عناصر الانتقالي) الذي كان بإمكانهم العمل بتستّر، تحت غطاء مكافحة الإرهاب”، وهو ما تحقق مؤخراً، بتورط يسران المقطري ونائبه سامر الجندب، في قضية اختطاف واخفاء المقدم علي عشال الجعدني.