صوت محافظة لحج

سقطرى.. إهمال للإنسان واستنزاف غير طبيعي للمخزون الطبيعي

لحج نت

بعد مضي عام على دخولها إلى أرخبيل سقطرى، وسيطرتها على العاصمة حديبو ومدن ومحميات الأرخبيل كافة؛ أصبحت سقطرى مُهدَّدة بالخروج من قائمة التراث العالمي، في حين أصبحت الإمارات الراعي الرسمي لكل ما يعتمل في الجزيرة، والراعي الرسمي لكل من يدخل إليها ويخرج منها، ولم يعد بيد حكومة “هادي” ولا بيد حليفها الانتقالي حتى، من الأمر شيء، فالقرار السياسي السيادي بيد الإمارات، والقرار الإداري بيدها، والقرار اليمني غائب، ولم يبقَ إلا استصدارها قراراً دولياً بضم سقطرى إليها، وهو ما حذَّر منه مراقبون أكدوا أن للإمارات أطماعاً في الجزيرة تعود إلى ما قبل “عاصفة الحزم”.
في إحصائية بيئية سنوية سابقة نشرتها منظمات بيئية في أكتوبر 2019، كان معنيون بشؤون البيئة قد أشاروا إلى ضلوع الإمارات في عمليات تجريف واسعة للحياة الطبيعية وشراء الأراضي والمحميات التي تتميز بالتنوع الكبير في نباتاتها المستوطنة، وتحتضن عشرات الأنواع من النباتات النادرة، قبل أن تتواجد رسمياً -في 19 يونيو 2020- على كل شبر فيها، ولفتت تلك المنظمات نفسها -العام الماضي- إلى تعرض 44 نوعاً من الطيور و253 من المرجان و730 من الأسماك إلى الانقراض بسبب إهمال الإمارات للاحتياطات البيئية اللازمة لحماية هذا التنوع الطبيعي. وبحسب شهود عيان من أبناء سقطرى، فإن أكثر ما بات يُهدِّد الجزيرة هو البنايات العشوائية التي أنشأها الإماراتيون والنافذون التابعون لهم، مضيفين أنه يتم استيراد الكثير من النباتات والحيوانات غير المؤهلة للعيش في الجزيرة، واستبدالها بنباتات الجزيرة وحيواناتها، في خطوة وصفوها بالعبثية وغير المدروسة من الإمارات.
كما يشكو أبناء سقطرى من تنامي مظاهر التسليح في الجزيرة، وطغيانها على المشهد، ووفود أفواج سياحية -يقول ناشطون ومراقبون مستقلون إنها إسرائيلية- إلى الجزيرة، بعد توقيع الإمارات وإسرائيل اتفاقية التطبيع بينهما في منتصف أغسطس 2020.
أما سكان سقطرى البالغ عددهم نحو 500 ألف نسمة، فأصبحوا معزولين تماماً عن بقية المدن اليمنية، وصاروا يواجهون العديد من أشكال التهديد الديموغرافي في ظل طمس الإمارات لهويتهم، واستئثارها بحقوق وملكيات الأعمال المتاحة في جزيرتهم، فالسفن الكبيرة التابعة للإمارات وبلدان أخرى، باتت تُهدِّد أرزاق السقطريين وتنافسهم على العائدات القليلة من لقمة العيش التي يسعون لكسبها.
وفي يناير ٢٠٢١، أكدت منظمات حقوقية ومؤسسات بيئية -بالاستناد إلى صور أقمار اصطناعية- رصد نشاطات إسرائيلية في جزيرة سقطرى برعاية إماراتية.
وتحدثت المنظمات والمؤسسات المُشار إليها عن تعرُّض حدود الجرف القاري للجمهورية اليمنية لعمليات تغيير جيولوجي حاولت الإمارات عدم الإفصاح عنها، غير أن جهات إسرائيلية أعلنت عن قيام مجاميع عمل تابعة لإسرائيل بإصلاح حدود الجرف لصالحها ووضعه تحت مراقبتها للتمكُّن من السيطرة على ممرات المياه الإقليمية للجمهورية اليمنية لاحقاً، كما تم رصد عمليات وضع بلوكات استكشافية نفطية من قِبل الصومال في الجرف القاري اليمني.
وعلى إثر ذلك، اتهمت حكومة صنعاء -حينها- الكيان الإسرائيلي بالعمل في أرخبيل سقطرى تحت غطاء إماراتي لنهب الثروات الطبيعية، والاستفادة من الموقع الجغرافي لسقطرى وما تحتويه من ثروات نفطية وعلاجية وسياحية وغيرها، مشيرة إلى شمول عمليات الاستنزاف الإماراتي – الإسرائيلي المشترك لكلٍّ من: درسة، وسمحة، وعبد الكوري، وصيال عبد الكوري، وصيال سقطرى، بالإضافة إلى 7 جُزُر صخرية أخرى، وهي صيرة، وردد، وعدلة، وكرشح، وصيهر، وذاعن ذتل، وجالص.
أما حكومة “هادي”، فاكتفت -وقتها- بالاعتراف على لسان “فهد كفاين” -الذي كان يشغل منصب وزير الثروة السمكية- بفقدانها السيطرة على الجزيرة تماماً، مُحمِّلة الإمارات مسؤولية إدخال معدات اتصال متقدمة، وعناصر أجنبية إلى محافظة أرخبيل سقطرى، بطريقة غير رسمية، حسب قولها.
مراقبون ومحللون سياسيون معنيون بالشأن اليمني اعتبروا، في تصريحات لوسائل إعلام مختلفة عقب سيطرة الإمارات على سقطرى؛ أن الممارسات السعودية والإماراتية كشفت عن أن الأهداف الحقيقية من وراء الحرب على اليمن تتمثل في احتلال موانئه والسيطرة عليه، واحتلال المناطق الاستراتيجية، ومناطق الثروات النفطية والغازية، وما اتجاهها إلى الجُزُر اليمنية المهمة في البحر الأحمر والبحر العربي، علاوة على السيطرة على المياه اليمنية والممرات وأهمها باب المندب، ونهب وسرقة الآثار القديمة والثروة الطبيعية والسمكية من المناطق الأثرية؛ إلا أشكال لا تمتُّ إلى التحرير بصِلة كما أعلنت قيادات التحالف في بداية الحرب.
خبراء عسكريون قالوا إن جزيرة سقطرى -التي لم تكن ضمن خارطة المعارك الميدانية للتحالف- تحوَّلت -بقدرة قادر- إلى كيان جغرافي إماراتي، وثكنات عسكرية، ومتنزه سياحي للقادمين من إسرائيل وغيرهم ممن لم يعرفوها يوماً.
وبينما زعمت الإمارات -أكثر من مرَّة- أن الاستحداثات التي تُجريها في الجزيرة بهدف مواجهة التحديات المناخية ومنها إعصار شابالا؛ كان للناشطين اليمنيين وعدد من المراقبين آراء أخرى، في ذكرى ما أسماه البعض بانقلاب سقطرى، حيث قال “سلطان عبدالواسع” -في تغريدة له على “تويتر”- إن هذا اليوم هو يوم غدر التحالف بحكومة “هادي”، ونكث الوعود السعودية للمحافظ رمزي محروس وعبدربه منصور، واصفاً إياه باليوم الأسود في تاريخ العلاقات السعودية اليمنية الذي لم يبيضَّ يوماً، حسب تعبيره.
كما رأى اقتصاديون أن الإمارات السَّبع على ما فيها حالياً من أشكال تطور اقتصادي، هي أقل في مجموعها من جزيرة سقطرى التي أهملتها الحكومات اليمنية المتعاقبة، قبل أن تصل إليها القوات الإماراتية ثم الوفود والأفواج الإسرائيلية، لتُجري استحداثاتها المتعددة فيها، والتي تسبب استنزافاً غير طبيعي لمخزونها الطبيعي على المدى المنظور.. مُحذِّرين من الإمارات التي بدأت بإغراء السقطريين في بداية دخولها إلى الجزيرة، قد أصبحت اليوم تتخلى عن التزاماتها تدريجياً، من الأمن إلى الكهرباء إلى الماء إلى المشتقات النفطية، ما يعني أنها تريد الأرض فقط ولا يعني لها الإنسان في سقطرى شيئاً

قد يعجبك ايضا